يصعب تفسير مفهوم الثالوث بأي لغة، لكن التشبيه التالي قد يساعد. سنكرر نفس الفقرة القصيرة مرتين، لكن في الفقرة الثانية سنقوم بأربع تغييرات صغيرة. لنبدأ بفكرة يسهل فهمها عن الزمن. ٭
المستقبل هو المصدر. المستقبل غير مرئي، غير معروف، إلا أنه يجسد نفسه باستمرار ويجعل نفسه مرئيا في الحاضر. الحاضر هو ما نراه ونسمعه ونعرفه. فهو يجسد المستقبل بلا توقف، يوما بعد يوم، ساعة ساعة، لحظة بلحظة. وهو يكشف باستمرار المستقبل، الذي كان غير مرئي حتى الآن. المستقبل هو منطقيا أولا، ولكن ليس زمنيا. لأن الحاضر يوجد طالما أن الزمن يوجد، وكان في البداية المطلقة للزمن. الحاضر موجود طالما أن الزمن موجود. يعمل الزمن من خلال وفي الحاضر. أنه يجعل نفسه مرئيا فقط في الحاضر. يعمل المستقبل ويكشف عن نفسه من خلال الحاضر. ومن خلال الحاضر يدخل الزمن (المستقبل) فى اتحاد مع الحياة البشرية. الزمن والإنسانية يجتمعون و يتوحدون في الحاضر. أي أنه في الحاضر، يصبح الزمن (المستقبل) جزءا من حياة الإنسان، وهكذا يولد ويعيش ويموت في حياة الإنسان. يأتي الماضي بدوره من الحاضر. لا يمكننا القول أنه يجسد الحاضر. على العكس من ذلك، الزمن في إصدار من الحاضر إلى الماضي، يصبح غير مرئيا مرة أخرى. الماضي لا يجسد الحاضر. بدلا من ذلك، ينبثق منه بصمت، بلا نهاية، بشكل غير مرئي. ولكن الحاضر ليس مصدر الماضي الذي ينبثق منه. المستقبل هو مصدر كل من الحاضر والماضي. يخرج الماضي من الحاضر في موكب لا نهاية له وغير مرئيا، ولكن، أبعد من ذلك، من المستقبل الذي منه يأتي الحاضر. يخرج (ينبثق) الماضي من المستقبل، من خلال الحاضر. وبالتالي فإن الحاضر يخرج من المستقبل الغير المرئي. يجسد الحاضر المستقبل بشكل دائم ومستمر في شكل مرئي، مسموع، صالح للعيش، ويعود الحاضر مرة أخرى إلى الزمن الغير مرئي في الماضي. يعمل الماضي بخفاء. أنه يؤثر باستمرار علينا في علاقة بالحاضر. أنه يلقي الضوء على الحاضر. هذه هي وظيفته العظيمة. فهو يساعدنا على العيش في الحاضر الذي نعرفه، وبالإشارة إلى المستقبل الذي نتوقع أن نراه. ٭
الآن دعونا نأخذ نفس المقطع ونغير أربع كلمات فقط: الله في مكان الزمن، الآب في مكان المستقبل، الابن في مكان الحاضر، والروح القدس في مكان الماضي. ٭
الآب هو المصدر. الآب غير مرئي، غير معروف، إلا أنه يجسد نفسه باستمرار ويجعل نفسه مرئيا في الابن. الابن هو ما نراه ونسمعه ونعرفه. فهو يجسد الآب بلا توقف، يوما بعد يوم، ساعة ساعة، لحظة بلحظة. وهو يكشف باستمرار الآب، الذي كان غير مرئي حتى الآن. الآب هو منطقيا أولا، ولكن ليس زمنيا. لأن الابن يوجد طالما أن الله يوجد، وكان في البداية المطلقة لله. الابن موجود طالما أن الله موجود. يعمل الله من خلال وفي الابن. أنه يجعل نفسه مرئيا فقط في الابن. يعمل الآب ويكشف عن نفسه من خلال الابن. ومن خلال الابن يدخل الله (الآب) فى اتحاد مع الحياة البشرية. الله والإنسانية يجتمعون و يتوحدون في الابن. أي أنه في الابن، يصبح الله (الآب) جزءا من حياة الإنسان، وهكذا يولد ويعيش ويموت في حياة الإنسان. يأتي الروح القدس بدوره من الابن. لا يمكننا القول أنه يجسد الابن. على العكس من ذلك، الله في إصدار من الابن إلى الروح القدس، يصبح غير مرئيا مرة أخرى. الروح القدس لا يجسد الابن. بدلا من ذلك، ينبثق منه بصمت، بلا نهاية، بشكل غير مرئي. ولكن الابن ليس مصدر الروح القدس الذي ينبثق منه. الآب هو مصدر كل من الابن والروح القدس. يخرج الروح القدس من الابن في موكب لا نهاية له وغير مرئيا، ولكن، أبعد من ذلك، من الآب الذي منه يأتي الابن. يخرج (ينبثق) الروح القدس من الآب، من خلال الابن. وبالتالي فإن الابن يخرج من الآب الغير المرئي. يجسد الابن الآب بشكل دائم ومستمر في شكل مرئي، مسموع، صالح للعيش، ويعود الابن مرة أخرى إلى الله الغير مرئي في الروح القدس. يعمل الروح القدس بخفاء. نه يؤثر باستمرار علينا في علاقة بالابن. أنه يلقي الضوء على الابن. هذه هي وظيفته العظيمة. فهو يساعدنا على العيش في الابن الذي نعرفه، وبالإشارة إلى الآب الذي نتوقع أن نراه. ٭
مقتبس من «سر الكون» للدكتور ناثان آر وود (1936)